الأحد، 9 يناير 2022

مراجعة فيلم The Green Knight

 لطالما تم تقديم أساطير آرثر بأعمال درامية ساحقة أو ملاحم مليئة بآكشن السيوف والدروع، لكن لم يكن هناك أي عمل سريالي وغريب مثل فيلم The Green Knight للمخرج ديفيد لوري. يقدم الكاتب والمخرج قصيدة الفروسية الرومانسية للسير غواين والفارس الأخضر عبر مغامرة رائعة، رافضاً الإثارة اتي تجعل القلب يتسارع والتي باتت المتوقعة من هذا النوع الفرعي مقابل تقديم عناصر أكثر ذكاءً.


يضع ديف باتيل لمسة جديدة على شخصية غواين الذي بسبب تعطشه لأمجاد الفروسية، يقبل بتحدي في ليلة عيد الميلاد لمواجهة الفارس الأخضر، فيقطع رأسه بضربة واحدة. ويبدأ الرعب عندما يرفع الفارس الأخضر رأسه المقطوع ويمتطي حصانه مبتعداً وهو يطلق وعيداً بلقائه مرة أخرى بعد عام. ويظهر إبداع سيناريو لوري جلياً هنا حيث يمضي بعض الوقت خلال هذه السنة الفاصلة وهو يؤسس أن ذاك الفعل الشجاع الواحد لم يجعل غواين بطلاً. ويركز بدلاً من ذلك على الرحلة الشاقة التي بدأها والتي لا يمكن التنبؤ بها، ويقود البطل المتهور عبر ساحات المعارك المروعة والغابات التي يلفها الضباب ليواجه بطريقه اللصوص الذين ينصبون الكمائن، وروحاً حزينة، وعمالقة يصدحون، وثنائي معقّد في قلعة غريبة.



يمتاز كل موقع بجمال غريب خاص به. تتناقض لوحة الألوان من الذهبي والأخضر والرمادي مع المستنقع المليء بالطحالب مقابل عباءة بطلنا الساطعة الألوان والمناظر الطبيعية الباهتة. تتحدى درجات اللون الدافئة لعباءة باتيل الذهبية درجات اللون الباردة للفارس الأخضر، والذي تتكون بشرته من خشب محفور وتعلوه لحية من الجذور الصلبة. تعكس هذه القصة الملونة المعركة والعلاقة التي لا مفر منها بين الحياة والموت. ثم يندلع اللون الأحمر في كل مكان، متمرداً ومشؤوماً: بركة من الدماء المسفوكة حديثاً، وسطوعاً عنيفاً من الضوء ليكون بمثابة تحذير، وثعلب أحمر رشيق يصبح صديق غواين. المصور السينمائي أندرو دروز باليرمو، والذي عمل سابقاً مع لاوري في A Ghost Story، لا يوازن بين هذه الألوان مع لسمة مذهلة من الأناقة فحسب، بل يخلق أيضاً نسيجاً ملموساً لدرجة تشعر أنك تستطيع تمرير أصابعك على الشاشة والشعور بحلقات الدرع المعدنية ولحاء الشجرة وفرو الثعلب، وحتى جذع باتيل المتعرق.


وكل هذا لا يبدو جميلاً فقط، بل أيضاً شديد الأهمية، والذي يمنحنا شيئاً نتمسك بك أثناء تكشف قصة الفيلم. يستمتع لاوري بالغموض، حيث غالباً ما تكون شخصياته انطباعية وتعتمد على التعابير أكثر من القصة الخلفية. ويحذو The Green Knight حذوه، فيرسم الشخصيات من خلال لحظات قصيرة لكن شديدة الأهمية. يتضمن طاقم الممثلين المذهل أليشا فيكاندر وشون هاريس وجويل إيدجرتون وكايت ديكي وباري كيوغان وإيرن كيليمان، والذين يطلقون العنان للحب والحقد والعذاب والشهوة، مما يحول كل مشهد إلى حدث مثير للتوتر لكن رائع في نفس الوقت. ومع ذلك، فإن أداء باتيل وحده يجعل الفيلم شيئاً لا يجب أن تفوته. حيث أن بنيته الجسدية القوية، وشخصيته الفوضوية، وعينيه الحالمتان، كل ذلك يقول الكثير، وهو يخلق صورة آسرة ومعقدة لرجل يكتشف أخطاءه وقيمته.



وبالإضافة إلى ضبابية حبكة الفيلم، لا يحاول لاوري تلخيص التاريخ المعقد للملك آرثر وشقيقته مورغان لو فاي، حيث لن تقوم شخصيات بتقديم كشوفات لتبرير دوافع غواين أو شغفه تجاه الفروسية. وبدلاً من ذلك تمتاز الحوارات بالشاعرية والاستعارات. قد تضيع بعض الكلمات، التي ينطق بها بصوت خافت أو بهمسة أو صراخ. وبعضها الآخر يتعانق مع موسيقى مزاجية على أنغام الناي والإيقاعات السريعة والغناء الكورالي الصارخ. ومع ذلك، يمكن الشعور بالسياق بطرق مختلفة. كل هذا يؤدي إلى خاتمة غامضة لدرجة أنها قد تسبب الانقسام. لكن انتبه، لا يتطلع لاوري إلى تقديم مغامرة آكشن مبهجة، مليئة بالحركات الخطيرة المفاجئة، والأبطال والأشرار الواضحين. بل أن ما يقدمه يبدو بأنه يخطو نحو كابوس ساحر أكثر من كونه فيلم خيال نبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة فيلم The Matrix Resurrections

 غالباً ما يكون الرافضون للأعمال التي تحث الحنين إلى الماضي من الأشخاص الذين ينقدون بشدة أفلام الريميك أو الريبوت أو الأجزاء التالية التي تص...